المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصّلاة على وقتها


عذب الإحساس
01-28-2020, 06:32 PM
أحب شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها :

هناك فرق بين الصحابة الكرام، وبين مسلمي آخر الزمان في الصلاة، لقد اعتنوا بها عنايةً فائقة، فاتصلوا بالله، وكانوا كالمراجل، ولما لم يحافظ المسلمون على الصلاة، صلوها، ولكن لم يحافظوا عليها، فإنسانٌ دخله حرام، ثم يقف ويقول: الله أكبر، يقف، ويُكَبِّر، ويقرأ، ويركع، ويسجد، ولكنه مقطوع عن الله عزَّ وجل، وليس موصولاً معه، بل متلبس بالمعاصي، وظالم للناس مثلاً، أو ظالم لزوجته، أو لشريكه، فالدخل حرام، والعلاقات مع النساء كلها غير منضبطة، والبيت غير إسلامي، والأولاد لم يتلقوا تربيةً من أبيهم، وإذا صليت الآن!!
إياكم ثم إياكم أن تفهموا مني أن هذه الصلاة يجب أن تُترك، أعوذ بالله، أعوذ بالله أن أقول هذا الكلام، ولكن إن لم ينضم إليها الاستقامة والعمل الصالح فلا تقطف ثمارها
السلامة تحتاج إلى استقامة، والسعادة تحتاج إلى بذل، فما لم تستقم على أمر الله وتبذل من مالك ووقتك وجهدك شيئاً لإرضاء الله عزَّ وجل، فلن تستطيع أن تتصل بالله، ولا أن تقطف الثمار من الصلاة..
ولهذه المقدمة أقول: يقول الله عزَّ وجل:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾

حافظوا على أدائها في وقتها، وأحب شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها، ومَن أخَّر الصلاة عن وقتها أذهب الله البركة من عمره، حافظوا على الصلوات في أوقاتها، حافظوا عليها بإتمامها على النحو الذي أراده الله عزَّ وجل، مِنَ الوقوف، والركوع، والسجود، والقراءة، حافظوا على الصلاة؛ بمعنى أن تُسْبَقَ باستقامة على أمر الله، فإذا حافظ الطالبُ على الدوام في الجامعة، ولكنه لم يدرس ولا كلمة، فما قيمة هذا الدوام؟
ما درس، فالمحافظة على الجامعة لا يعني أن تداوم فقط، ولكن أن تدرس في البيت، فلذلك يقول الله عزَّ وجل:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾

لا بدّ أن تستقيم على أمر الله حتى يتاح لك أن تتصل بالله :

داوموا على أدائها لأوقاتها مع رعاية فرائضها، وسننها من غير إخلالٍ بشيءٍ منها، وقد كان عليه الصلاة والسلام أخف الناس صلاةً في تمام، المحافظة على الصلاة بالمعنى الفقهي سهل جداً، أن تصليها في وقتها، وأن يكون وضوؤك سابغاً، وأن يدخل الوقت، وأن تتجه نحو القبلة، أن يكون البدن طاهراً، والثوب طاهراً، والمكان طاهراً، وأن تقف، وتركع، وتسجد، وتقرأ كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام:
((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي))[البخاري عن مالك بن الحُويرث]

هذا عند الفقهاء، أما عند علماء القلوب فلا بد أن تسبق الصلاة طاعةٌ لله، ولا بد أن تدخل إلى الصلاة وأنت مستقيمٌ على أمر الله، وضابطٌ لسانك، وعينك، ويدك، وأذنك، ورجلك، وهذا كلام دقيق، فضلاً عن شروط الفقهاء: من أن تقف، وأن تتوضَّأ، وأن تقف تجاه القبلة، فضلاً عن ذلك لا بد من شرط علماء القلوب، لا بد أن تستقيم على أمر الله حتى يتاح لك أن تتصل بالله.
إن أردت أسرع من ذلك، فلا بد أن تبذل شيئاً قبل الصلاة، شيئاً من وقتك، ومن مالك، أن تعمل عملاً صالحاً، نصيحة مسلم، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وأن ترشد الإنسانَ الضالَّ، وأن تعين الضعيف، وأن تعطيَ الفقيرَ، وأن تعتني بطالب العلم، ولا بد من عملٍ يكون هديةً بينك وبين الله.

التحذير من ترك الصلاة :

﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [ سورة الحجر : 43-44]

أحد هذه الأبواب باب شديد اسمه سقر :

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [ سورة المدثر : 27-30]
و في آية ثانية : ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ﴾ [ سورة المدثر : 42-49]
وعيد آخر ، الوعيد الأول من الله عز وجل في قرآنه الكريم : ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ َ ﴾ [ سورة المدثر : 42-43]

من ترك الصلاة فقد كفر :

و الوعيد الثاني يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الإمام مسلم ( بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ))[ مسلم عن جابر]
أي كفر عملي ، أما الكفر الذي يخرج من الملة فأن تنكر فرضيتها ، إذا كنت مقصراً في أدائها شيء و إذا كنت منكراً لأصل فرضيتها شيء آخر .
في بعض الأحاديث أيها الأخوة أن تارك الصلاة يحشر مع فرعون و هامان لأنه متكبر ، رأى نفسه أكبر من أن يضع جبهته على الأرض سجوداً لله عز وجل . و كلما بالغت في تذللك في أعتاب الله عز وجل رفع الله قدرك ، و أعلى مكانتك ، و رفع ذكرك ، علاقة عكسية كلما تواضعت لله رفع الله مكانتك ، و رفع لك اسمك ، و جعلك متألقاً ، و أسبغ عليك هيبة يهابك كل من رآك .
أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم ، تارك الصلاة يحشر مع فرعون و هامان لأنه متكبر ، و يقول عليه الصلاة و السلام من باب التحذير :
(( لَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )) [ أحمد عن أم أيمن]
ما معنى برئت منه ذمة الله ؟ لا رعاية و لا حماية و لا حراسة و لا توفيق و لا تأييد و لا حفظ و لا إلهام .
وعيد آخر :
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ : ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ ، أَوْ قَالَ : فِي أُذُنِهِ ))
[ متفق عليه عن عبد الله]
و يقول عليه الصلاة و السلام في حديث الإسراء و المعراج : " رأيت ليلة أسري بي أناساً من أمتي ترضخ رؤوسهم بالحجارة كلما رضخت عادت ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين كانت رؤوسهم تتكاسل عن الصلاة "
أيها الأخوة الكرام : قال تعالى : ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [ سورة مريم : 59]
يقول ابن عباس رضي الله عنه و هو الذي أوتي التأويل : " ليس معنى أضاعوا الصلاة أنهم تركوها بالكلية و لكنهم كانوا يؤخرونها عن وقتها و يجمعونها من غير عذر " و الغي :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾ [ سورة مريم : 59]
الغي : الذي ترونه كل يوم ، الذي يصيب المسلمين كل يوم ، و قد أصبنا بذلك الغي .

تأخير الصلاة من صفات المنافقين :

أيها الأخوة الكرام : يقول عليه الصلاة و السلام :
(( عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ : كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ : بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ))
[ البخاري عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ]
و الذي تفوته صلاة العصر كأنما :
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ . . .))
[ متفق عليه عن عبد الله بن عمر]
بالمقابل من حافظ على هذه الصلوات كانت له نوراً و برهاناً و نجاة يوم القيامة ، و من لم يحافظ عليهن لم تكن له نوراً ولا برهاناً و لا نجاة و حشر يوم القيامة مع فرعون و هامان وقارون و كل متكبر . و الله عز وجل يقول :
﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾
[ سورة الماعون : 4-5]
يقول بعض العلماء الكبار ابن القيم : دخلت على أستاذي و قد حبسه التتار فبكيت لحاله فقال لي : لا تبك لست أنا المحبوس ، لست أنا المأسور ، المحبوس من حبسه شيطانه ، و المأسور من أسره هواه ، أما تأخير الصلاة أيها الأخوة فهي من صفات المنافقين ، لقوله تعالى :
﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾
[ سورة النساء : 142]
أيها الأخوة الكرام : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، و اعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا و سيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني .

راتب النابلسي
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية

نقاء
01-28-2020, 10:15 PM
سلمت كفوفك لطيب الجهد وتميز العطاء
لا حرمنا الله روائع مجهوداتك ..!

Egy Dot
01-31-2020, 04:39 PM
سيدى / سيدتى
طرح رائع ومفيد
تسلم الايادى المميزه
على كل ما تقدمه لنا
جزاك الله عنا كل خير
وأثابك حسن الدارين
ومتعك برؤية وجهه الكريم
شكرا جميلا لقلبك
ورضا ورضوان من الله تعالى
يعطيك /ـكِ ربى الف عافيه
مجهود اكثر من رائع ومتميز
تقبل /ـلى تحياتى واعجابى لشخصك الكريم
مر من هنا
http://up.3-zf.com/uploads/158048066011811.png

أمير الإحساس
01-31-2020, 09:01 PM
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
آشكرك

القيصر
01-31-2020, 11:57 PM
جزاك الله الف خير وحسنه
موضوع راقي ومفيد الف شكر
الله يعطيك العافيه

ساهر الليل
02-01-2020, 06:50 PM
جزاكم الله خيرا
وجعله فى ميزان حسناتك
تحياتى

سالفه غرام
02-01-2020, 09:25 PM
جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

عازفة الحروف
02-16-2020, 12:53 PM
بارك الله بك على الفائدة
جزاك الله خير الجزاء
الله يعطيك العافية ويوفقك

مہلہك الہعہيہونے
02-19-2020, 08:42 PM
’)

.
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ..
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
*
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك.., ,


‘*

شيخة الزين
02-27-2020, 12:33 PM
جَزآك اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ يومَك نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَك
دَآمَ لَنآ عَطآئُك ..

أميرة أخوانها
09-17-2021, 08:42 AM
جزاك الله خير