يا رب عبدك قد أتاك وقد أساء وقد هفـا
يكفيه منك حياؤه من سوء ما قد أسلفـا
حمل الذنوب على الذنوب الموبقات وأسرفا
وقد استجار بذيل عفوك من عقابك ملحف
لطائف المعارف لابن الجوزي (289) بتصرف.
فينبغي للعبد أن يشغل عامة وقته في أعمال البر والقربات من صدقة وذكر، وشكر وإخبات، وخضوع وخشوع وافتقار، وليكن أكثر أعماله الدعاء[ ] .
يقول سفيان الثوري: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة، وإذا قرأ ودعا ورغب إلى الله كان حسناً،
وقد كان النبي[ ] صلى الله عليه وسلم هذا دأبه في تهجده في ليالي رمضان، يجمع بين الصلاة والقراءة، والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى:
"ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين" (الأذكار[ ] النووية للإمام النووي (244)).
وليعلم أن ليلة القدر ليست للمصلين فحسب فقد جاء عن جويبرٍ قوله: "قلتُ للضّحَّاكِ: أرأيتَ النُّفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيبٌ؟"
قال: "نعم، كُلُّ من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر" (وظائف رمضان لعبد الرحمن الحنبلي النجدي (62)).
http://www9.0zz0.com/2012/07/05/13/625647979.gif
ومن أهل العلم من يستحب أن يسوي بين ليلة القدر ونهارها في العمل، يقول الإمام الشعبي رحمه الله في ليلة القدر: "ليلها كنهارها"، وقال الشافعي[ :
"استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها"، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره
(طلائع السلوان في مواعظ[ ] رمضان (158)).
فلو قام المذنبون هذه الأسحار على أقدام الانكسار، ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها:
{يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ}
[يوسف:88]، لبرز لهم التوقيع عليها:
{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
[يوسف:92]، (لطائف المعارف لابن الجوزي (287)).
فيا أخي:
رياح هذه الأسحار تحمل أنين المذنبين، وأنفاس المحبين، وقصص التائبين، ثم تعود برد الجواب، فكن ممن كتب له القبول يومها في الكتاب، ونال من نفحات الرب ما يرجو به النجاة يوم الخزي والعذاب، نسأل الله أن يكتب لنا إدراك ليلة القدر، وحسن العمل فيها وقبوله إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.