عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-19-2023, 08:04 AM
ملكة الحنان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 242
 تاريخ التسجيل : Nov 2021
 فترة الأقامة : 927 يوم
 أخر زيارة : 06-09-2023 (07:54 PM)
 المشاركات : 72,404 [ + ]
 التقييم : 109197
 معدل التقييم : ملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

الاوسمة

افتراضي استعلاء الإيمان



استعلاء الإيمان


يتقاصَرُ الزمانُ، ويتقارَبُ كثيرًا عندما نُسقِط أحداثَ التاريخ وعِبَرَه على واقع حياتنا، وتتراءى لنا الصورُ والأحداث كأنها تعيد نفسها، وتأتي المشاهدُ بين متشابه ومكرور؛ فالطغاة يقفو بعضُهم أثر بعض، ولا يمايز بينهم إلا اختلافُ الوسائل، وتنوع الأساليب.

أما الضحية، فهم صفوة المؤمنين، الذين استعصوا على الفتن، وثبتوا لها، وألزموا أنفسهم كلمة التقوى، ﴿ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [الفتح: 26]، فسَمَتْ بهم إلى آفاق عوالٍ لا يرقى إليها تعليقٌ ولا مقال، وعصَمَتْهم من الاعتزاز بغير الله، ومن الذلة إلا إليه سبحانه وتعالى.

وقد مضت سنة الله: أن يُعري الاستعلاءُ بالإيمان - من غير خطب ولا محاضرات- أهلَ الباطل، ويكشفَ ضعفَهم وزيفَهم، وخواءَ نفوسِهم، وحقارةَ ما يعظمون.

نعم، إنه لا شيءَ يفضحُ أهل الضلال مثل وجود الأخيار في الأمة؛ لأنهم يمثلون مظهر الرقي الذي يتمنى كلُّ فرد الوصول إليه.

إن كل مقصر أو منحرف يشعر بين حين وآخر بوخزات ضميرية تؤرق جفنه، وتعكر صفوه.

وهي أشد ما تكون إيلامًا لصاحبها عندما يرى فريقًا من أقرانه قد استقاموا على سنن الحق، وسارعوا في الخيرات، لم يبطرْهم غنى، ولا أفسدَ حياتهم لهوٌ أو مجون. وهنا تثورُ عواملُ الندم في أعماقه، وتستيقظ نوازعُ الفطرة، لتشدَّه إلى محاكاة أخلاقهم، والتأسي بأفعالهم.

إن مجرد وجود الأخيار ضمانٌ من انحدار أخلاق الأمة وترديها، وسبب رئيسٌ من أسباب هداية الأفراد واستقامتهم، وهي معلم واضح على عظمة الإيمان، ومدى تأثيره في القلوب والنفوس.

فكيف إذا ما خالطوا أقوامَهم، وعُنُوا بنصحهم وإرشادهم، وذكَّروهم بما يلزمهم من أخلاق المؤمنين، وصفات المتقين؟
إن الثمرة والحال كذلك: أن يشيع خلقُ الحياء، وتسود الفضائلُ، ويتجنب كثيرٌ من الناس الرذائلَ، ومواقف التهم. وبذلك تستقيم الحياةُ، وتستنير العقولُ، ويعرف كل فرد حقوقَه وواجباته.

وعندما تبلغُ الأمةُ هذه المكانة من النضج والرشد، فإنها ستقف للطغاة بالمرصاد، وسيجدون من يقاوم ظلمهم، ويفضح مواقفهم وأكاذيبهم.

فليس بدعًا بعد هذا أن تُبنى سياسة الظلمة وأعوانهم على اقتلاع بذور الخير، وقطع أيدي باذريها، وتشويه صورة الدعاة المخلصين، ومحاربتهم في أرزاقهم، وسمعتهم، ثم قتلهم في نهاية المطاف.

إن تاريخَ الجبارين والمتسلطين طافح بالفجائع والمآسي التي كان ضحاياها رموز الخير وأعلام الصلاح.

كما أن تاريخ الدعاة حافل بمواقف البذل والعطاء التي استعلى أصحابها بإيمانهم، وترفعوا فوق جميع المغريات، وأبوا إلا الالتزامَ بشمول الرسالة وتبليغها للناس كاملة، غير مبالين بما يصيبهم في سبيل الله.

وكانت حياتُهم شَجًى في حلوق الظلمة والجبارين، ودماؤهم هاجسَ رعبٍ يكدر على المجرمين دنياهم، ويشخص لهم ما ينتظرهم من سوء المصير، ﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 26].

وفي قصة زياد مع أبي المغيرة ما يجلي هذه الحقيقة:
روى ابنُ عساكر في تاريخ دمشق أنه: لما قدم زياد بن أبيه الكوفةَ سأل عن أعبد أهلها وأتقاهم لله؟

فقيل له: أبو المغيرة الحميري.

فأرسل إليه، فأتى، وله سمت حسن، ومنظر يدل على صدق مخبر. قال زياد: إني بعثت إليك لأمر خير.

قال أبو المغيرة: إني إلى الخير لفقير.

قال زياد: بعثت إليك لأمولك، وأعطيك، على أن تلزمَ بيتَك.

قال أبو المغيرة: سبحان الله‍! والله لصلاةٌ واحدة في جماعة أحبُّ إلي من الدنيا كلها، ولزيارة أخ في الله، وعيادة مريض، أحب إلي من الدنيا كلها، فليس إلى ذلك سبيل.

قال زياد: فاخرج، فصل في جماعة، وزر إخوانك، وعد المريض، والزم شأنك.

قال أبو المغيرة: سبحان الله! أرى معروفًا فلا أقول فيه، وأرى منكرًا ولا أنهى عنه!

فوالله لمقام من ذلك أحب إلي من الدنيا كلها.
قال زياد: يا أبا المغيرة، فهو السيفُ إذا!

قال أبو المغيرة: السيفُ أهونُ مما تطالبني به.
فأمر به، فضربت عنقُه بين يديه.

ولما حضرت زيادًا الوفاةُ، قال له بعضُ من حضره: أبشِرْ، فتنهد طويلا ثم قال: كيف وأبو المغيرة في الطريق؟!

درس إيماني:
إنه لدرس للدعاة: أنه لا يصلحُ لهذا الأمر إلا من قام به من جميع جوانبه.
وأن هناك ثوابتَ، لا يصلح فيها سياسةُ: (خذ وطالب).

إن الإسلام لا يعرف السلبية في مبادئه، ولا يرضاها من أتباعه؛ فقوام دعوته: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما وُجِدت المساجد، وشُرِعت الجمعة والجماعة، إلا للقيام بواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

لابد أن يكون المظلومُ على ثقة بأن الظلمة يحيون بأنفس ممزقة، وقلوب خاوية، ورعب من المستقبل.

إن شبح أبي المغيرة لا يُفزع زيادًا وحده، فكل مظلوم أبو المغيرة، وكل ظالم زياد.

وغدًا سوف تُنصب الموازين للحساب، وتزول العروش، ويذهب السلطان، وتسقط الأنساب والأحساب، ويتمايز الناس بالأعمال، عندها يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فلا يفرح الذين ولغوا في دماء المسلمين، فإن أمامهم سفرًا مرهقاً، ومفازة مقفرة، يتلهفون في هجيرها على شربة ماء، فلا يجدون إلا دماء ضحاياهم تحرق أكبادهم، ولا يشاهدون سوى أشباحهم تسوقهم إلى النار سوقا؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 21، 22].

﴿ إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

الموضوع الأصلي: استعلاء الإيمان || الكاتب: ملكة الحنان || المصدر: منتديات عزف الحروف

كلمات البحث

اسلاميات ، مواضيع عامة ، سيارات ، صحة ، تصميم





hsjughx hgYdlhk




 توقيع : ملكة الحنان



رد مع اقتباس