ننتظر تسجيلك هـنـا

{ اعلانات مملكة عزف الحروف ) ~
 
 
 
 

الإهداءات


العودة   ♪。♡ مملكة عزف الحروف。♡ ♪ > ♪╣[ عزف الإسلامى ]╠♪ > ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫

♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ ┘¬»[ تفسير القرآن و آيات القرآن و معجزات القران

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات تراتيل عشق
اللقب
المشاركات 150844
النقاط 47318
بيانات عذب الإحساس
اللقب
المشاركات 15487
النقاط 9940

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: آية الكرسي ...وروعتها .. (آخر رد :تراتيل عشق)       :: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ .. (آخر رد :تراتيل عشق)       :: حقيقة الدنيا الفانية . (آخر رد :تراتيل عشق)       :: اجعل الدعاء سبيلك .. (آخر رد :تراتيل عشق)       :: الف ليلة وليلة حكايات ترويها لوحات نادرة لاسرة محمد علي (آخر رد :تراتيل عشق)       :: اعادة كتابة الروايات حول المستوطنات القديمة في منطقة حوض الخليج العربي (آخر رد :تراتيل عشق)       :: تاريخ العراق القديم/الملك اسرحدون وقانون وراثة العرش (آخر رد :تراتيل عشق)       :: تاريخ العراق القديم/شجرة المعرفة المقدسة في بلاد الرافدين (آخر رد :تراتيل عشق)       :: سيرة الخلفاء العباسيين/1/ابو العباس السفاح (آخر رد :تراتيل عشق)       :: أرسم يومك (آخر رد :تراتيل عشق)      

قائمة الاعضاء المشار إليهم :

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-18-2023, 07:06 AM
ملكة الحنان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 242
 تاريخ التسجيل : Nov 2021
 فترة الأقامة : 901 يوم
 أخر زيارة : 06-09-2023 (07:54 PM)
 المشاركات : 72,404 [ + ]
 التقييم : 109197
 معدل التقييم : ملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

الاوسمة

3 Zf53 تفسير آية بيعة النساء من سورة الممتحنة (2/2)



تفسير آية بيعة النساء

من سورة الممتحنة (2/2)

المطلب الثاني
أركان بيعة النساء في القرآن الكريم
في هذه الآية يخاطب الله - جلَّ جلالُه - النبيَّ الكريم - صلى الله عليه وسلم - بمبايعة النساء، وذلك حسب الشروط المذكورة في الآية الكريمة؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[1]، ففي هذه الآية تنظيم التعامُل مع النساء عند إعلان الدخول في نطاق الدولة الإسلامية.



قال الإمام الشافعي في "الأم": "وإنما يبايع النساء على الإسلام، فأما على الطاعة فهن لا جهاد عليهن، وكيف يبايعن والبيعةُ على المسلمين المولودين في الإسلام، إنما هي على الجهاد؟!"[2].



من أجل هذا؛ كان نص بيعة النساء مختلفًا عن غيره من أنواع البيعات، وذلك بتربيتهنَّ على عظائم الأمور، وزجرهن عن كبائر الفواحش الواردة في الآية الكريمة؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾؛ ففي الآية تقرير للتوحيد، وإعلان المفاصلة بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، قال ابن عبدالبر: "في هذه الآية ذكر بالنص بيعته للمهاجرات، وسكت عن الرجال؛ لِدُخُولهم في المعنى"[3].



"فبدأ تعالى بالنَّهْي عنِ الشِّرْك؛ لأنه مقابل للإيمان، الذي تقوم عليه قاعدةُ الحياة السليمة لكل بشر، فالشِّرك نزعة نفسية منحطَّة تسفل بالإنسان، وتشدُّه إلى ذاته البدنيَّة، وذلك في حالة من سيطرة الوهم، وغياب الوعي، وعمى في البصيرة عن الحقيقة"[4].



لذا كان من أولويات البيعة في الإسلام عمومًا، وبيعة النساء خصوصًا - إعلانُ المفارَقة بين الشِّرك والتوحيد، فهو أصْل الميثاق، وأساس الحياة.



﴿ وَلَا يَسْرِقْنَ ﴾: فقد شملت الآية التخلِّي عن خصال في الجاهليَّة، وكانتِ السرقةُ فيهنَّ أكثر منها في الرجال[5].



وفي هذه الآية خصيصة عظيمة للمرأة، وهي النَّهي عن السرقة "إذا كانت من أموال الأجانب، فأما إذا كان الرجل مقصرًا في نفقتها، فلها أن تأخذَ من ماله بالمعروف، ما جرتْ به عادة أمثالها، وإن كان بغير علمه"[6].



لذا لَمَّا جاءتْ هند بنت عتبة - رضي الله عنها - لتبايع بعد إسلامها في فتح مكة، خافتْ من ذلك الشرط العظيم؛ عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: إن هندًا قالتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ، فأحتاج أن آخُذ مِن ماله، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((خُذي ما يكفيك وولدك بالمعروف))[7].



في هذا الحديث منَ الفوائد الجليلة في قصة مبايَعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة - رضي الله عنها - الكثير منها:
• ما ترجم له البخاري - رحمه الله - من جواز القضاء على الغائب في حقوق الآدميين دون حقوق الله[8]، فقد كان كلام هندٍ كافيًا في تَحْليل ما أخذتْه من مال زوجها بدون علمه، فلم تحتجْ إلى إثبات لقدْر نفقة أبي سفيان من البيِّنات أو الأدلة، فقضى لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتحليل ما أخذتْه من مال زوجها بالمعروف.



• أن كلام الأجنبية مباحٌ سماعُه، وأن صوتها ليس بعورة[9].
وقد ذكر ابن جرير الطبري من طريق العوفي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت محنة النساء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: قل لهن: ((إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايعكن على ألا تشركن بالله شيئًا))، وكانت هند بنت عتبة - التي شقَّت بطن حمزة - رحمة الله عليه - متنكرةً في النساء، فقالت: إنِّي إن أتكلَّم يعرفْني، وإن عرَفَني قتَلَني، وإنما تنكرتُ فرقًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسكت النسوة اللاتي مع هند، وأبيْنَ أن يتكلمْنَ، قالت هند وهي متنكرة: كيف يقبل من النساء شيئًا لم يقبلْه منَ الرجال؟ فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لعمر: ((قل لهن: ولا يسرقن))، قالت هند: والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنات، ما أدري أيحلهن لي أم لا؟ قال أبو سفيان: ما أصبتِ من شيءٍ مضى أو قد بقي، فهو لك حلال، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفها... الحديث[10].



قال ابن كثير تعليقًا على هذا الخبر: "وهذا أثرٌ غريبٌ، وفي بعضه نكارة - والله أعلم - فإن أبا سفيان - رضي الله عنه - وامرأتَه لما أسلما لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيفهما؛ بل أظهرا الصفاء والود، وكذلك كان من جانبه - صلى الله عليه وسلم - لهما"[11].



وفي تقييده - صلى الله عليه وسلم - الأخذَ من مال الزوج "بالمعروف"، وهو ما تعارَف عليه الناس دون إفراط ولا تفريط.



﴿ وَلَا يَزْنِينَ ﴾: قال الإمام الرازي: "يحتمل حقيقة الزنا، ودواعيه أيضًا"[12]، على ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((اليدانِ تزنيان، والعينان تزنيان، والفرْجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُهُ))[13].



وعن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: جاءتْ فاطمة بنت عتبة - أخت هند - تبايع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عليها: ﴿ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ ﴾ الآية، فوضعتْ يدها على رأسها حياءً، فأعجبه ما رأى منها، فقالت عائشة: أقرِّي أيتها المرأة، فوالله ما بايعنا إلا على هذا، قالت: فنعم إذًا، فبايعها بالآية[14].



فهذه الرواية تدل على كراهة الزِّنا عند النساء الحرائر، وبشاعته في الجاهلية، وإن كان مشهورًا في بعض النساء، كالبغايا، والإماء؛ لذا جاءتْ أحكام الإسلام السامية؛ تدعو إلى الترفُّع عن السفاسف، وتطييب النفس بالمباح منَ النكاح، وسد أبواب الفتنة، بالمنع من الاختلاط المحرَّم بين الرجال والنساء؛ لسد أبواب الغواية، وحبائل الشيطان؛ قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾[15]، فإذا لم يكتفِ الإنسانُ بالنِّكاح المباحِ، ووقع في الزنا، فقدْ أَعَدَّ اللهُ له عذابًا عظيمًا؛ قال - تعالى -: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[16]، وجعل حُكمَ الزاني المحصنِ الرجمَ حدًّا مصلتًا قاسيًا شديدًا؛ لينتهي مَن كان في قلبه إيمان وإحسان عن سلوك طريق الحرام.



﴿ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾: قال ابن كثير: "وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قتله وهو جنين، كما قد يفعله بعض الجَهَلة من النساء، تطرح نفسها؛ لئلا تحبل، إما لغرض فاسد، أو ما أشبهه"[17].



وقال ابن عاشور: "والمراد بقتل الأولاد أمران: أحدهما: الوأد الذي كان يفعله أهل الجاهلية ببناتهم، والآخر: إسقاط الأجنة، وهو الإجهاض، وأسند القتْل إلى النساء، وإن كان بعضه يفعله الرجال؛ لأن النساء كن يرضين به، ويسكتن عنه"[18].



وقال ابن حجر: "خص القتل بالأولاد؛ لأنه قتل وقطيعة رحم، فالعناية بالنهي عنه آكد، ولأنه كان شائعًا فيهم، وهو وأدُ البنات، وقتل البنين؛ خشية الإملاق، أو خصهم بالذِّكر؛ لأنهم بصدد ألا يدفعوا عن أنفسهم"[19].

﴿ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾: "البُهتان: الكذب الذي يبهت سامعه، وخص الأيدي والأرجل بالافتراء؛ لأنَّ معظم الأفعال تقع بهما؛ إذ كانت هي العوامل والحوامل للمباشرة والسَّعي، وكذا يسمون الصنائع الأيادي، وقد يُعاقَب الرجل بجناية قوليَّة، فيقال: هذا بما كسبتْ يداك... ثم قال: وأصل هذا كان في بيعة النِّساء، ويعني: نسبة المرأة الولد الذي تزني به أو تلتقطه إلى زَوْجِها، ثم لما استعمل هذا اللَّفظ في بيعة الرجال، احتيج إلى حمله على غير ما ورد أولاً، فيحتمل أن يكون المراد بين الأيدي والأرجل (القلب)؛ لأنه هو الذي يترجم اللسان عنه؛ فلذلك نسب إليه الافتراء، كأن المعنى: لا ترموا أحدًا بكذب تُزوِّرُونه في أنفسكم، ثم تبهتون صاحبه بألسنتكم"[20].



فهذا التفسير لهذا الرُّكن العظيم من أركان البيعة بالنِّسْبة للرجال والنساء، دلالة عظيمة على حِرْص القرآن الكريم على تربية النفوس، وتهذيبها مما قد علق بها مِن صنائع الجاهليَّة المذمومة، ليبني مجتمعًا سليمًا منَ الرجال الصادقين، والنساء العفيفات، والدَّليل على ذلك ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير الآية: "لا يُلحِقن بأزواجهن غير أولادهن"[21].



"ولعل هذا التحفُّظ - بعد المبايَعة على عدم الزنا - كان للحالات الواقعة في الجاهليَّة من أنْ تبيح المرأةُ نفسَها لعدَّة رجال، فإذا جاءت بولدٍ نظرتْ أيهم أقرب به شبهًا، فألحقته به، وربما اختارت هي أحسنهم فألحقت به ابنها، وهي تعلم مَن أبوه، وعموم اللفظ يشير إلى هذه الحالة وغيرها من كلِّ بهتان مزور يدعَى، ولعل ابن عباس - رضي الله عنهما - خصَّصه بذلك المعنى؛ لمناسبة واقعة وقتذاك"[22].



وهذا التأكيد على حفظ الأنساب بسد أبواب الزنا، والافتراء، وعدم قتل الأولاد الشرعيين، أو اللقطاء، أو وأد البنات خشية العار الذي انتشر في الجاهلية، وتأكيد البيعة على كلِّ هذه الأمور؛ ليبني الإسلام دعائم الحياة الاجتماعية الجديدة؛ لينطلقَ في أرجاء الأرض داعيًا إليها، ومبشِّرًا بصلاح الدُّنيا والآخرة حين تكون الحال كما جاء في هذه الأركان العالية، والشروط السامية.



ثم أَكَّدَ كل هذه المنهيات العظيمة بقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾: وهذا الرُّكن العظيم من أركان بيعة النساء يشمل طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ ما أمر، وما نهى عنه وزجر، مع أنه لا يأمر إلا بمعروف، وفي هذا الموضع تقريرٌ عظيم أن طاعة الرعية للحاكم بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا تكون إلا في المعروف الذي يتَّفق مع دين الله وشريعته.



قال الشنقيطي في تفسيره للآية: "القيد بالمعروف هنا للبيان، ولا مفهوم له؛ لأن كل ما يأمر به - صلى الله عليه وسلم - معروف، وفيه حياتهن، وفيه تنبيه على أن مَن كان في موضع الأمر من بعده لا طاعة له إلا في المعروف، والعلم عند الله - تعالى"[23].



وقد روى ابن عباس - رضي الله عنهما - المعنى بشكل مجمَلٍ في قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾، قال: "إنما هو شرط شرطه الله على النِّساء"[24].



وقد جاء في الرِّوايات الواردة في بيعة النساء تقييد هذا الركن بالنياحة، فقد جاء في حديث أم عطية - رضي الله عنها - قالت: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ علينا: ﴿ أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا ﴾، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأةٌ يدَها، فقالت: أسعدتني فلانة، فأريد أن أجزيها، فما قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فانطلقت ورجعت، فبايعها[25].



فالنياحة أمر منكَر في الإسلام، ويقصد به اجتماع النساء لإظهار شعائر الحزن[26]؛ عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس منَّا مَن ضرب الخدود، أو شقَّ الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية))[27].



قال القاضي عياض: "ودعوى الجاهلية في هذا الحديث هي: النياحة، وندبة الميت، والدعاء بالويل وشبهه"[28].



وقد فسَّر زيد بن أسلم قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾، قال: "لا يخدشن وجهًا، ولا يشققن جيبًا، ولا يدعون ويلاً، ولا ينشدن شعرًا"[29].



وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة"[30]، "فالصالقة بالصاد أو السين، والسلق هو: الصوت الشديد، من قوله - تعالى -: ﴿ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ﴾[31]، قال الهروي: فالصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبات، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبات، والشاقة: التي تشق ثوبَها في تلك الحال، والبراءة هي: الانفصال والبينونة"[32].



ومن أجل الخوف على النساء في الإسلام من التمسُّك بشيء من أحوال الجاهلية النكراء، كهذه الأفعال من النياحة المصاحبة للاعتراض على قدر الله - عز وجل - ولخطورة هذا الشرط؛ كان الوعيد العظيم عليه ببراءة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ممَّن يقارفه عند المصيبة، فأكَّد على النهي عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أثناء البيعة العظيمة للنساء؛ لِمَا جُبلتْ عليه النِّساء من العاطفة الجياشة، والاستسلام للضعف عند نزول المصيبة، ونسيان حكم الله، فتوعد عليه الوعيد الشديد؛ عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((النائحة إذا لم تتبْ قبل موتها، تقوم يوم القيامة وعليها سربالٌ من قَطِرَان، ودرعٌ من جرب))[33].



وقالت أم عطية في بيان حال أولئك النساء اللاتي بايعن على ذلك الشرط العظيم: "فما وَفَتِ امرأةٌ إلا أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ"[34]، وفي رواية: "أخذ علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ألاَّ ننوح، فما وفَتْ منا امرأة غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، وامرأتين، أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى"[35].



"وفي زيادة أخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده"، عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: "وكانت لا تعد نفسها؛ لأنها لما كان يوم الحرة لم تَزَلِ النساءُ بها حتى قامت معهن، فكانت لا تعد نفسها لذلك"، قال ابن حجر معلِّقًا على ذلك: "ويجمع بأنها تركتْ عد نفسها من يوم الحرة، وهو يوم عظيم قُتل فيه من الأنصار مَن لا يُحصى عدده، ونهبت المدينة الشريفة، وبذل فيها السيف ثلاثة أيام، وكان ذلك أيام يزيد بن معاوية"[36].



قال القاضي عياض: "معنى الحديث لم يفِ ممَّن بايَعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مع أم عطية في الوقت الذي بايعتْ فيه النسوة، إلا المذكوراتُ، لا أنه لم يترك النياحةَ مِن المسلمات غيرُ خمسة"[37].



وهذا من الأدلة العظيمة على أن بعض النساء قد يقعْن في بعض المنهيات في الإسلام، مع أن في الاستسلام لأمر الله - عزَّ وجلَّ - والامتثال لحكمه، والابتعاد عن زواجره - الخيرَ العظيم، والجزاء الجزيل.



وعلق ابن حجر على لفظ "فقبضت امرأة يدها": "وقد يؤخذ من قول أم عطية في الحديث "فقبضت امرأة يدها": أن بيعة النساء كانت أيضًا بالأيدي، فتخالف ما نقل عن عائشة - رضي الله عنها -: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء بالكلام بهذه الآية ﴿ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾، قالتْ: وما مسَّتْ يدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة، إلا امرأة يملكها"[38]، ويحتمل أنهن كُنَّ يُشرن بأيديهن عند المبايعة بلا مماسة[39].



قال - تعالى -: ﴿ فَبَايِعْهُنَّ ﴾؛ أي: إذا أقرت النساء بهذه الشروط، وتبعاتها، ولوازمها ﴿ فَبَايِعْهُنَّ ﴾؛ أي: أتمَّ لهن البيعة.



قال السعدي: "هذه الشروط المذكورة في هذه الآية تسمى (مبايعة النساء) اللاتي كن يبايعن على إقامة الواجبات المشتركة، التي تجب على الرجال والنساء في جميع الأوقات، فكان إذا جاءته النساء يبايعْنَه، والتزمْنَ بهذه الشروط، بايعهن وجَبَر قلوبهن، واستغفر لهن الله فيما يحصل منهن من التقصير، وأدخلهن في جملة المؤمنين"[40].



﴿ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ﴾: "أي: سَلِ الله لهن أن يصفح عن ذنوبهن، ويسترها عليهن بعفوه عنهن.



﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: أي: إن الله ذو ستر على ذنوب مَن تاب إليه مِن ذنوبه أن يعذبه عليها بعد توبته منها"[41].



فهذا الدُّعاء الكريم بالمغفرة، هو الجائزة العظيمة التي حصل عليها أولئك النساءُ المبايعات، اللاتي ذكرهن ابن سعد في "الطبقات الكبرى" في الجزء الثامن، تسمية النساء المسلمات المبايعات، وقسمهن إلى أقسام؛ من قريش: 66، وغرائب نساء العرب: 59، والأنصاريات المسلمات المبايعات: 337، وبلغ عددهن جملة: 462[42]، وقيل: أربعمائة وسبعًا وخمسين امرأة - رضي الله عنهن وأرضاهن[43].




المطلب الثالث
حقوق المرأة في بيعة النساء
أولاً: الحقوق الاجتماعية:
هذه البيعة الكريمة تكريم رباني بالتعريف بحق المرأة الاجتماعي، كعضو مكلف بالتكاليف الربانية الكريمة، والذي يؤهله للقيام بالوظيفة العظمى في تكوين مجتمع صالح، فقد أعطتْ هذه الآيةُ الكريم وما تضمنتْه من التعاليم الإلهية، والمنهيات الاجتماعية، الحقوقَ الكاملة للمرأة في الإسلام؛ فالإسلام أعلن موقفه الصريح من إنسانية المرأة، وأهليتها، وكرامتها، ونظر إلى طبيعتها، وما تصلح له من أعمال الحياة، فمِن هذه البيعة نستطيع أن نستخلص الحقائق التالية، وهي:
• إن موقف الإسلام من المرأة كان ثورةً على المعتقدات والآراء السائدة في عصره، من حيثُ الشكُّ بإنسانية المرأة.
• إنه كان بمثابة الثورة على أتباع بعض الدِّيانات السائدة، من أنها غير جديرة بتلقِّي الدِّين، والدخول في زُمرة المؤمنين الصالحين، الذين يستحقون جنات رب العالمين.
• إنه كان تقدُّمًا فكريًّا لائقًا بكرامة إنسانية المرأة، وأهليتها الكاملة للتصرُّف؛ لذا أمر الله - تعالى - نبيَّه الأمين محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يقر لهن بالبيعة العظيمة[44].



فمِن جملة الحقوق المذكورة في بيعة النساء ما يلي:
حق التعلُّم:
قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا ﴾، فجعل أول حقٍّ يجب على المرأة أن تبايع عليه هي، عدمَ الإشراك بالله، وهو الإقرارُ بالتوحيد، وهذا لا يكون إلا بتعلُّم أُصُول التوحيد؛ لكيلا تقعَ المرأة فيما لا يُحمَد عقباه، من صرف العبادة، أو التوجه بشيء من أنواع العبادة لغير الله، فالصلاةُ، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من فرائض الإسلام الواجبة، والدعاءُ، والتوكُّل، والاستغاثة، والاستعاذة، والاستعانة، وغيرها من صور العبادة التي يجب ألا يُشرك مع الله فيها أحدٌ.



فالشِّرك صورة مُظلمة تسطو على النفس المفطورة على التوحيد، فتحيل الفرد عبدًا ذليلاً لغير خالقه؛ "لذا كان الركن الأول في المبايعة عدمَ الإشراك بالله؛ لاستنقاذ الإنسان من وهدة الشِّرك إلى مفازة الإيمان، ويستوي في ذلك النساء والرجال، والمرأة أولى؛ لأن الرجل وإن كان يتولَّى القيادة في مضمار الأسرة وميدان المجتمع، لكن المرأة هي المربِّية، وهي المدرِّسة، التي توجِّه داخل جدران البيت، ثم تفرز إلى المجتمع روافدَ الأجيال"[45].



حق النَّفَقة:
قرَّر القرآنُ الكريم أحد أركان البيعة العظيمة ﴿ وَلَا يَسْرِقْنَ ﴾، فجعل هذا الركنَ العظيم من البيعة، عليه سياجٌ منيع من الأحكام الشرعية الواجبة على الرجل ولي المرأة، سواء كان أبًا، أم زوجًا، أم أخًا، أم غير ذلك، أن يرعاها ويؤدِّيها باعتبارها حقًّا للمرأة كاملاً.



فالسرقة داءٌ عظيم، قد تكون ظاهرة انحراف خطيرة إذا انتشرت في المجتمع، فكيف إذا قامت بها النساء، اللاتي أوجب لهن الإسلامُ الكفالةَ والضمان بالنفقة عليهن؛ حتى لا تتحرَّك نوازع الشر في نفوس النساء، فيتطلعن لما لدى الغير، فيرتكبن هذا الأمر المنكَر العظيم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[46].



وقدِ انعقَدَ إجماعُ العلماء على وُجُوب الإنفاق على المرأة، سواء كانت زوجةً، أم أمًّا، أم أختًا، أم بنتًا، أو لم يكن لها غير ذلك الرجل محرمًا، كالجدات، والعمَّات، والخالات، وإذا لم يكن للمرأة رحم ينفق عليها، فيجب على بيت مال المسلمين أن يتكفَّل بنفقتها، بقدر ما يكفيها، ويمنعها عن ارتكاب السرقة[47].



وكذا تفصيل حقها في الإرث من مال زوجها وأبيها، وابنها وأخيها، من الأنصبة المفروضة في آيات المواريث في سورة النساء، رحمةً بالنساء، وسدًّا لحاجتهن، وإكرامًا لهنَّ عن التعرُّض للسرقة.



حق الزواج:
قال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَزْنِينَ ﴾: جاء الإسلامُ وقد انتشرتْ في الجاهلية صورٌ من النكاح المحرَّم، كالاستبضاع، والبغايا، والمتعة، وغير ذلك، فمنَعَ الإسلام تلك الصورَ القبيحة التي تُعرِّض المرأةَ للامتهان والأذى، وقرر لها المصرفَ الكريم المباح، وهو النكاح المشروع بأركانه وشروطه؛ لتستطيعَ المرأةُ أن تلبي حاجاتِها الفطريةَ ضمن الشرع الحكيم، وتحفظ حقوقها، وتؤدي واجباتها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[48].



"أما اتِّصال الرجل بالمرأة عن طريق غير مشروع (الزنا أو السفاح)، فهو اتصال لا يليق بكرامة الإنسان، كما أنه وإن حقَّق هذا الاتصالُ الشهوةَ العابرة، المشوبة بالحسرة النادمة؛ إلا أنه لا يحقق - بأية حال من الأحوال - السكنَ، والهدوء، والاستقرار، ويبقى الزواج الشرعي أسَّ تكوُّنِ الأسرة، وسرَّ سعادتِها وبقائها، وبالتالي سعادة المجتمع واستقراره"[49].



حق الحياة:
قال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾: فحقُّ الحياة مشروع للجميع، ذكرًا أم أنثى، فلا يجوز بأية حال من الأحوال، أو بسبب ضغط الظروف، أن يُقتلَ الأولاد، فالجنينُ منذ أن تبث فيه الروح، أصبح إنسانًا له حقوق وواجبات، يمنع أي أحد - ولو كان الآباء والأمهات - أن يسلبه هذا الحق.



وقد عرف قديمًا وحديثًا الإجهاض، الذي هو إسقاط الجنين قبل وقت ولادته، وقد حرَّمه الشرعُ بهذا الرُّكن العظيم من أركان مبايعة النساء؛ لكي لا تستعملَ المرأة قدرتَها على الأبناء، فتقتلهم، أو ترضى بذلك؛ لأن ذلك جريمة نكراء، وعمل شنيع.

حق الإنجاب:
فُطرت المرأةُ على حبِّ الأبناء، والقيام بواجباتهن من الحمل، والولادة، والحضانة، والرضاعة، والتربية، ومع ما في هذه الوظائف من مشقَّة وعناء؛ إلا أن المرأة مؤهَّلة بخصائصها الفطرية والجسدية، والعقلية والنفسية، للقيام بهذه الوظائف كاملة، فإذا مُنعت المرأة من الإنجاب لأي سبب من الأسباب، ستضطر إلى تفريغ هذه الشحنات المجبولة عليها باختلاق الأكاذيب، وافتراء البهتان؛ ليكون لها ولد، سواء كان من زوجها، أو من غيره، قال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾.



فهذا الرُّكن العظيم من أركان البيعة، يتضمَّن غاية الأمان والاستقرار للمرأة، بإنجاب الأولاد بالطريقة الشرعية، بعيدًا عن الاختلاق والتزوير الذي يهدد بناء الأسرة، ويحطم كيانها.



ثانيًا: الخلاف في الاستدلال بالآية في حقوق المرأة السياسية:
ركَّزت الآية الكريمة على موضوع البيعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء: ﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، وهذه الآية أصبحت دليلاً لمن رأى ضرورة المشاركة السياسية للمرأة، بدليل مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأولئك النسوة الفضليات.



وعلى الرغم منَ الخلاف المحتدم في تناول هذه القضية بين المؤيِّدين والمخالفين، إلا أنه لا أحد ينكر ما أسهمتْ فيه المرأةُ منذ بداية الإسلام بقسط وافرٍ من التضحية والفداء؛ فأم المؤمنين خديجةُ - رضي الله عنها - أولُ إنسان آمَن بالإسلام، وسمية أم ياسر أول شهيدة في الإسلام، ومشاركةُ أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - في حادثة الهجرة، ومشاركة أم عمارة في بيعة العقبة الثانية، وكذا كل مشاركة المرأة بجانب الرجال في المعارك الحربية؛ يداوين المرضى، ويسقين الجنود، فضَربتْ هذه النماذجُ للأمة الإسلامية قديمًا وحديثًا صورًا رائعة عن مدى تجاوُب المرأة مع الوقائع الإسلامية العظمى، لكن هذه الأحداث والأخبار لا تفيد بوجوب اشتغال المرأة بالسياسة، وتقليد البيعة في البلاد.



وقد اختلف الباحثون المعاصرون في تحديد مفهوم الحقوق السياسية، فمنهم مَن قال: "الحقوق السياسيَّة لم تكن معروفة في العصور الإسلامية الأولى؛ لذا نجد مَن أباحه للمرأة إنما أدخله ضمن الجهاد، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[50]"[51].



ومنهم مَن عرَّفها بأن: "الحقوق السياسية هي الحقوق التي يكتسبها الفرد باعتباره عضوًا في هيئة سياسية - أي: في دولة - وبواسطة هذه الحقوق يسهم في إدارة شؤون هذه الدولة وحُكمها، فالمرأةُ المسلمة التي لها حقُّ الانتساب إلى الدولة الإسلامية تتمتَّع بالحقوق السياسية، مثل: (حق تولِّي الوظائف العامة - حق الترشيح - حق الانتخاب)؛ إلا أنها ليست كالرجل المسلم في وجوب القيام بهذه الحقوق السياسية"[52].



بينما يعرِّف بعض الباحثين المعاصرين النشاطَ السياسي للمرأة في عصر النبوة، بأنه يَتَمَثَّل في: "الدخول في الإسلام، مع معارَضة الأهل والسلطة الحاكمة، ثم ما يتبعه من الاهتمام بأخباره، أو التعرُّض للتعذيب بسببه، أو الهجرة من الوطن في سبيله، كل هذا يعتبر نشاطًا سياسيًّا حسب التعبير المعاصر، وقد كان وراء ممارسة المرأة المسلمة لكل هذه الصور من النشاطاتِ عقيدةٌ راسخة، تدعوها إلى مشارَكة الرجل في نصرة الدِّين الجديد، ومن صور النشاط السياسي الواردة في السُّنة: النساء يشاركن الرجال في الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، ومبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والنُّصح والمشاوَرة، والاهتمام بالمستقبل السياسي للأمة"[53].



والدليل على ذلك قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾، فالسياسة في المجتمع المسلم ليست غايةً بذاتها للوصول إلى المناصب والتسلُّط على الناس، بقدر ما هي وسيلة للمؤمنين إلى مرضاة ربِّ العالمين بالوسائل الممكنة، لتحكيم الإسلام في كل مجريات الحياة صغيرة وكبيرة، بالسعي الجاد لإحقاق الحق، ورد الباطل، ضمن حدود القدرات البشريَّة، والاجتهاد للنوازل والملمات.



"فعند مراجعة تاريخ المرأة المسلمة السياسي في جميع أطواره، يجده الباحث مفعمًا بآثار الإيمان، والروح المعنوية العالية، والعطاء الثري، بالرغم من بُعدها الكامل عن مواقع الإدارة السياسية في الولايات العامة، ومجالس الشورى، والشُّرَط، ونحوها من ميادين البروز السياسي، فالسلطة السياسيةُ في طورها الإيماني المستقيم لاقتْ من المرأة المسلمة كلَّ صور الفداء، والثبات، والدعم المعنوي، في أعلى صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم تكن إحداهن تَتَرَدَّد في دعم السلطة بنفسها، أو مالها، أو ولدها، أو زوجها، مع كمال الامتثال لطاعة ولي الأمر ظاهرًا وباطنًا، في غير معصية"[54].



فالمرأةُ لها أهليتها الكاملة في التصرُّف في شؤونها الخاصة، مع وُجُوب الطاعة لمن كان واليًا عليها بالمعروف، لكن يرى الإسلامُ أن من الخير للمرأة المسلمة التفرغَ لشؤون بيتها وأسرتها؛ صيانةً لكرامتها، ورعايةً لدينها من التبذُّل، وحشمةً لها من الاختلاط المحرَّم، والتعرُّض للمفاتن، وخوض المعارك السياسية، والانشغال عن المهمة العظمى، وهي صناعة الإنسان المسلم بالتربية والتعليم؛ سواء كان أبناء المرأة خاصة، أم أبناء المجتمع عامة، وكذا العلاج والتطبيب كوظائف مهمة لإصلاح المجتمع.



ومن هنا نفهم سرَّ عدمِ اشتغال المرأة المسلمة بالسياسة في جميع أدوار التاريخ، مع ما نالتْه من حقوق، ولكنها أدركتْ واجبَها الأول في الحياة، وهي أن تكون أمًّا وربَّةَ بيت[55].



وقد تكرَّرت مبايعة النِّساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها كانت بيعة شرعية إيمانية أخلاقية، تَتَعَهَّد فيها المرأة بالالتزامات الإيمانية والأخلاقية، وليست بيعةَ ترشيح النبي - صلى الله عليه وسلم - للقيادة السياسية، فلم يكن - صلى الله عليه وسلم - يفتقر إلى موافَقة الأمة على قيادته، وهو النبي الخاتم، في حين كانت بيعة الرجال سياسيةً، يلتزمون فيها بالجهاد، إضافة إلى التزامهم الإيماني والأخلاقي، ومع ذلك فبيعة النساء كانت خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجب على الإمام ولا الخلفاء الراشدين القيامُ بهذه البيعة، وكان من جملة فضائل بعض النساء الصحابيات أنهن كُنَّ مِن المبايِعات.



"فبيعة النساء لم تكنْ بيعة على المشاركة في الأعمال السياسية؛ بل هي بيعة على طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتزام الشرع"[56].



وكانت آية بيعة النساء مثارَ شبهة، استند إليها بعضُ الباحثين القائلين بمشاركة المرأة السياسية في السلطة، واختيار الحاكم، وكونها من أهل الحل والعقد[57]؛ لذا أَبعدتْ بعضُ الباحثات حينما نَسبتْ عدم بيعة النساء من قِبل الخلفاء الراشدين - رضوان الله عليهم - إلى العجلة في تأدية البيعة، "فالبيعة لأبي بكر - رضي الله عنه - كانت فجأة، فتمت من غير إحكام، وبغير رويَّة، وكذا مع عمر - رضي الله عنه - تمَّت بشيء من العجلة"[58].



وهذا من الافتئات على البيعة العظيمة للخلفاء الراشدين، الذين لو أُمروا بحمل الجبال لحملوها؛ طاعة لله ورسوله، فكيف يغيب عن ذلك الجيل القرآني العظيم، الذي يقف مع أوامر الله وسنة رسوله موقفًا عظيمًا من السمع والطاعة، فلا يعملون بآية عظيمة عمل بها النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم؟!



ومن خلال النصوص الكريمة، يتَّضح للقارئ أن تلك الأركانَ العظيمة للبيعة بعد نزول الآية، كان النساء هن اللاتي يبادرن بالالتزام بالبيعة، ويقلن هذه المبادئ، ويفرضنها على أنفسهن للالتزام بها، دون إجبار أو إكراه من أحد، وهذا يدل على قمة تحرير الإرادة، وتكريم المرأة المسلمة، فكيف ترضى أولئك المبايعاتُ الفضليات بهذا التغييب عن واقع المجتمع المسلم بمشاركتهن في بيعة خليفة المسلمين؟! لولا ما بايعن عليه من السمع والطاعة، والامتثال لأمر الله - عز وجل - وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة الحدود اللائقة بالمرأة المسلمة في إطار المجتمع المسلم.



ومن أجل التأكيد على وجوب البيعة على أن تلتزم المرأة بطاعة الوالي في المنشط والمكره، وفيما أحبَّتْ أو كرهت، دون ضرورة البروز في الميدان السياسي، وتسليم الحاكم مقاليدَ الحكم بمبايعة النساء له، فيكفي في ذلك أهل الحل والعقد من الرجال، وجمهور الناس بأعيانهم من الرؤساء والوجهاء.



أما إذا رأى الوالي ضرورةَ مشاورة النساء في أمور الدولة، أو في تأدية بعض الحقوق السياسية، أو بعض الأعمال الإدارية، إذا كانت هناك ضرورة ماسة، ولم يتضمن ذلك الأمرُ معصيةً لله - تعالى - أو تضييعًا لنفسها أو بيتها، أو الوقوعَ في الاختلاط المحرَّم، المفضي إلى المفاسد العظيمة، فعلى النساء طاعتُه بالمعروف، مثل ضرورة الإذن بالجهاد لقتال العدو الصائل وغيره؛ لأن في ذلك مصلحةً للبلاد والعباد[59].



فالواجبُ على المرأة المسلمة أن تسخِّر طاقاتِها وقدراتها للبناء والترقِّي فيما يفيد المجتمعَ، ويضمن سعادتَها في الدنيا والآخرة، وأن تؤدِّي ما أوجب الله - تعالى - عليها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل المسلمين، عامتهم وخاصتهم؛ لأن السياسة ليست في حقيقتها إلا إصلاحًا لسياسة الحاكم، وتوجيهًا له، ونُصحًا له على الخير.



"بل إن التاريخ الإسلامي سجَّل لبعض النساء المؤمنات مساعيَهن الجادةَ في خلع بعض الظَّلَمة والمرتدِّين، وما زال عطاؤهن الإيجابي أمرًا بالمعروف ونهيًّا عن المنكر مستمرًّا في كل عصر، حتى إنهن في أشد فترات الزمان ظُلمة واضطهادًا، لم يتوقفن عن الدعوة إلى الله - تعالى - ودعم التوجُّه الإسلامي، وهذا هو ميدان التنافُس السياسي الصائب للمرأة المسلمة في كل عصر، وليس هو مجرد البروز الاجتماعي في أروقة البرلمانات، أو مناصب الولايات، أو منازعة أهل الحل والعقد سلطانَهم"[60].




الخاتمة
بعد أن منَّ الله - تعالى - عليَّ بإتمام هذا البحث، الذي هو مرتقًى ثقيلٌ، أسهمتُ في حث الخُطا إليه بكل عزم وصبر؛ لأرى المرأةَ المسلمة تتبوَّأ المكانةَ اللائقة بها في المجتمع المسلم؛ لذا أحببتُ أن أختم هذا البحث بعدة نتائجَ؛ منها:
• تكريم الإسلام للمرأة، والاعتراف بأهليتها الكاملة في آية بيعة النساء؛ لكي تكون فردًا قادرًا على البناء في المجتمع بما يوفِّره للمرأة من القيمة الشخصية، والحماية النوعية، والتكاليف الشرعية.



• ضمان صلاح المجتمع وترقِّيه في كلِّ زمان ومكان، بابتعاد المرأة عن تلك النواهي الأخلاقية المذكورة في آية بيعة النساء، وأن تنعقدَ عليها القلوبُ، كما انعقدت عليها تلك الأيادي الطاهرة من النساء المبايعات مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بُعده عن ملامستهن بالمصافَحة.
• الاعتراف بحقُوق المرأة كاملةً في آية بيعة النساء، في وجوب تعليمها، والإنفاق عليها، وتزويجها من الكفء، وإعدادها للأمومة بالطرق الشرعية؛ لكيلا يختل بناء المجتمع، أو يتعرض للانهيار والتصدُّع بالجرائم الأخلاقية المذمومة، كما هو الحال في الحضارات السابقة واللاحقة.



• التصوُّر الكامل لنظرة الإسلام للمرأة، بالجمع بين جوانب القرآن الكريم ككل متكامل في آية بيعة النساء، ووقوع الفتنة في قضية المرأة كان بسبب النظرة الجزئية لجانب دون جانب.

• تسجيل التاريخ الإسلامي أسماء النساء المسلمات المبايعات بهذه الآية الكريمة، بحروف من نور، والشهادة لهن بالفضل والسبق؛ ليَكُنَّ القدوة الحسنة للأجيال المسلمة في وجوب الالتزام بأوامر الإسلام في آية بيعة النساء.



• الاختلاف الحاد بين المعاصرين في حق مشاركة المرأة في سياسة البلاد، وانعقاد البيعة لحاكم البلاد، ليس خلافًا في فهم الآية؛ إنما هو بسبب الاختلاف في النظرة الاجتماعية إلى المرأة المسلمة، ووظيفتها الحيوية في المجتمع، باحتقار دورها كأمٍّ ومربية للأجيال فقط.



وفي الختام: أوصي الباحثين بالنظر بعمق إلى هذا الموضوع، وتحرير محل الخلاف في مشاركة المرأة السياسية من خلال الأدلة الشرعية ومدلولاتها الصحيحة، والرد على الشبهات المثارة في هذا المجال، وتوعية الأبناء والبنات بضرورة الالتفاف على مصادر التشريع الإسلامي بفهم العلماء الأسلاف؛ لكي تسلم الأمة الإسلامية من مغبَّة الوقوع في الخطأ بتحرير المرأة من مملكتها الخاصة، وهي الأسرة المسلمة، وتربية الأجيال الحاضرة والمستقبلة.

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الحبيب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم.


كلمات البحث

اسلاميات ، مواضيع عامة ، سيارات ، صحة ، تصميم





jtsdv Ndm fdum hgkshx lk s,vm hglljpkm (2L2)




 توقيع : ملكة الحنان



رد مع اقتباس
قديم 05-18-2023, 10:45 AM   #2


الصورة الرمزية شيخة الزين
شيخة الزين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 42
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 أخر زيارة : 05-06-2024 (10:47 PM)
 المشاركات : 119,166 [ + ]
 التقييم :  59807
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

الاوسمة

افتراضي








ألف شكر لك على هذا الطرح رائع والجميل
تسلم الانامل على الذوق الرفيع
و الابداع والتميز يعطيك الف عافية
ولا تحرمينا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
دمت ودام لنا تميزك
لروحك أكاليل الورد


مع تحياتي
انين الروح








 

رد مع اقتباس
قديم 05-18-2023, 04:34 PM   #3


الصورة الرمزية غصة حنين
غصة حنين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 73
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 أخر زيارة : 05-08-2024 (02:12 AM)
 المشاركات : 135,959 [ + ]
 التقييم :  58200
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Palevioletred

الاوسمة

افتراضي



طرح معطر بروحانيات إيمانيه قيمه
جزاك الله خير
ورفع الله قدرك وجعله في ميزان حسناتك


 

رد مع اقتباس
قديم 05-22-2023, 02:46 AM   #4


الصورة الرمزية ملكة الحنان
ملكة الحنان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 242
 تاريخ التسجيل :  Nov 2021
 أخر زيارة : 06-09-2023 (07:54 PM)
 المشاركات : 72,404 [ + ]
 التقييم :  109197
لوني المفضل : Cadetblue

الاوسمة

افتراضي



شيخة
سرني تواجدك بمتصفحي
لاحرمنا الله جديدك الشيق


 
 توقيع : ملكة الحنان




رد مع اقتباس
قديم 05-22-2023, 02:46 AM   #5


الصورة الرمزية ملكة الحنان
ملكة الحنان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 242
 تاريخ التسجيل :  Nov 2021
 أخر زيارة : 06-09-2023 (07:54 PM)
 المشاركات : 72,404 [ + ]
 التقييم :  109197
لوني المفضل : Cadetblue

الاوسمة

افتراضي



غصة
سرني تواجدك بمتصفحي
لاحرمنا الله جديدك الشيق


 
 توقيع : ملكة الحنان




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سورة براءة عدد آياتها 129 ( آية 1-27 ) ويقال: سورة التوبة، وهي مدنية ملكة الحنان ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ 9 05-01-2023 12:51 AM
الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية : تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة شيخة الزين ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ 4 04-24-2023 11:41 AM
الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية : تفسير سورة الفاتحة شيخة الزين ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ 4 04-24-2023 10:54 AM
تدبر سورة النساء نقاء ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ 5 05-30-2020 10:00 PM
تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .. نقاء ♫ıl القرآن الكريم و علومه ıl♫ 10 05-30-2020 09:57 PM


الساعة الآن 11:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009